تشكل البدانة، اليوم، تحديا جديا للصحة العامة، باعتبارها تزيد من خطر الإصابة بعدة أمراض، بما في ذلك مرض السكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم والسرطان…
ولطالما طرح العلماء فكرة أن معرفة آليات السمنة يعتبر أمرا ضروريا المكافحة هذه الآفة التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة.
وارتكز خط تدخلهم بشكل رئيسي على النظام الغذائي والنشاط البدني، غير أنه توجد آليات أخرى ممكنة بهدف التوصل إلى معرفة أكثر عمقا وشمولية عن البدانة، وبصفة خاصة تلك المتعلقة بالضغط النفسي والكورتيزول.

الضغط النفسي، أرضية مواتية للسمنة

صحيح أن الضغط النفسي هو بالأساس مفهوما ذاتيا يختلف من شخص إلى آخر، غير أن الملاحظة السريرية كشفت عن تأثيره بشكل مباشر عن الوزن.
العديد من الدراسات الوبائية أكدت، في هذا الصدد، عن تواجد رابط قوي بين الإجهاد وزيادة الوزن. وفي الحقيقة، هناك علاقة مباشرة بين الظروف الاجتماعية والاقتصادية من جهة والسمنة من جهة أخرى، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ما يسمى بالضغط الاجتماعي.
وبان من الواضح لدى العديد من المتابعين للشأن الطبي أن الضغط النفسي المتواصل يتسبب في تناول الناس للمزيد من الأطعمة الغنية بالطاقة، مما يؤدي تلقائيا إلى حصول زيادة في الوزن لدى الأشخاص.
كما أثبتت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات أيضا إلى أن الضغط النفسي يؤثر على الخيارات الغذائية، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من ضغط جسدي أو عاطفي يفضلون تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكر.
وقام باحثون في جامعة برانديز بالولايات المتحدة بدراسة هذا الارتباط بين الضغط النفسي والبدانة، حيث استنتجوا أن مستوى الكورتيزول، الهرمون الأكثر نشاطا والأهم بين الكورتيكوستيرويدات التي تؤثر على استقلاب الكربوهيدرات، يزيد بشكل غير متناسب تحت تأثير الضغط النفسي.

وتجدر الإشارة إلى أن الكورتيزول يصل إلى مستويات غير طبيعية لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. ويؤدي التعرض المتكرر للضغط النفسي إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، كل هذا يجعل من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أكثر عرضة للإصابة بالضغط النفسي.

الضغط النفسي والبدانة.. كيف نعالجها؟

من الضروري تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر، مع تفضيل الأطعمة الغنية بالألياف التي تحد من امتصاص الدهون.
يجب أيضا تجنب النشاط البدني القسري باعتباره يزيد من مخاطر زيادة الكورتيزول، والاقتصار على نشاط بدني خفيف يسهم في تخفيض الكورتيزول.
وتجدر الإشارة إلى أن التأمل بإمكانه أن يشكل حلا ناجعا لمكافحة الضغط النفسي، حيث أن بعض الدراسات العلمية اقترحت اللجوء لتقنية “التأمل حول الحب اللطيف”، والذي يتضمن التعبير عن المشاعر الإيجابية بشكل حصري تجاه نفسك والآخرين، مما يساعد الأشخاص على الاسترخاء والحصول على مزاج جيد.
كما تساعد ممارسة رياضة اليوغا على التنقيص م من حدة الضغط النفسي. وتوجد أيضا “طريقة كوي” للتغلب على التوتر وهي تقوم على الابتسام بشكل دائم، مما يسهم في حصول حالة استرخاء لدى الأشخاص.
وفي ذات السياق، تساعد تمارين التنفس على التخفيف من التوتر، حيث أن التنفس العميق يحفز على رد فعل الجهاز العصبي السمبتاوي، مما يؤدي للوصول إلى حالة من الهدوء الصحي.

عوامل أخرى لزيادة الوزن

العامل الجيني

تعتبر التشوهات الجينية سببًا رئيسيًا للسمنة، حيث أن 70٪ من الأشخاص الذين يعانون من مرض البدانة لديهم قريب واحد على الأقل مصاب بهذا المرض.

 عامل الغذاء

تحدث السمنة أيضا عندما يقع تناول السعرات الحرارية، الأطعمة الدهنية والسكرية، بشكل يفوق الاحتياجات الفعلية للجسم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض اضطرابات الأكل مثل تناول الوجبات الخفيفة أو الشره المرضي تعزز زيادة الوزن.

قلة النشاط الرياضي

يؤدي نمط الحياة الخامل وقلة النشاط الرياضي إلى حصول من حالة من الاختلال بين الاحتياجات الغذائية الحقيقية والسعرات الحرارية التي يتناولها الجسم، مما يؤدي بشكل أوتوماتيكي لحالة من السمنة.
أمراض الغدد الصماء والهرمونية
يمكن أن تؤدي العديد من الأمراض إلى السمنة، مثل أمراض الغدد الصماء (أو أمراض الغدد الصماء)، أو تلك التي لها أصول هرمونية مثل قصور الغدة الدرقية أو أمراض الغدة الكظرية.