السمنة، آفة العصر

لم يعد يُنظر إلى السمنة، اليوم، بكونها مشكلة جمالية، بل أصبحت تمثل تهديدا للرفاهية الجماعية. وتعتبر السمنة مرضا متعدد الأسباب، حيث أن العديد من الاضطرابات الهرمونية والأيضية والنفسية والثقافية والسلوكية تؤدي لحصول تراكم في الدهون، وبالتالي زيادة في الوزن.
آفة السمنة أخذت أبعادا تنذر بالخطر خلال الثلاثين عاما الـأخيرة، حيث أكدت دراسة أجراها مختبر “نوفونورديسك” ارتفاع عدد الأشخاص الذي يعانون من مرض السمنة المفرطة من 105 مليون شخص عام 1975 إلى 650 مليون شخص في عام 2016.
وتمثل السمنة خطرا على صحة الفرد والمجتمع نظرا لكلفتها الاقتصادية الكبيرة
ويشهد العالم اليوم عملية تعبئة كبيرة لمحاصرة هذا المرض الذي أصبح يمثل مشكلة صحية عامة رئيسية في جميع البلدان دون استثناء، وعائق كبير أمام الراحة النفسية.
منظمة الصحة العالمية، وكذلك المؤسسات الطبية الوطنية والدولية الأخرى، ذهبت لحد وصفه ب”الوباء”.

كيف تصبح سمينا؟

يمكن التحدث عن السمنة عندما يقوم الجسم بخزن الدهون الزائدة، ويحدث هذا التخزين عند حصول عدم توازن بين تناول مأكولات غنية بالسعرات الحرارية وعدم بذل مجهود بدني كاف.
ويتم تعريف السعرات الحرارية على أنها وحدة لقياس الطاقة، وذلك لأن جميع الأطعمة التي تمد الجسم بالطاقة تقاس وفقا لمقياس السعرات الحرارية.
ويسمح لك كل نشاط بدني بحرق عدد معين من السعرات الحرارية، حيث أن الشخص الذي يقوم برياضة المشي لمدة ساعة يستهلك بشكل منهجي الطاقة، وبالتالي السعرات الحرارية بشكل أوتوماتيكي.

ويوصف الاستهلاك المفرط للدهون وللمشروبات السكرية أو الكحولية وللوجبات الخفيفة بكونه إفراط في استهلاك السعرات الحرارية
كما أن التوقف عن القيام بحمية غذائية قاسية يؤدي لمفعول عكسي، حيث يتسبب في استهلاك مفرط للسعرات الحرارية في فترة زمنية قصيرة جدا.
وتجدر الإشارة إلى أن نمط الحياة العصري يشجع على الاستهلاك المفرط للأطعمة السريعة الجاهزة للأكل والمشروبات الغازية، في ظل البقاء لفترة طويلة أمام أجهزة التلفزيون أو حتى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.
نمط الحياة هذا يؤدي لقلة الحركة، وبالتالي يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض السمنة، على غرار أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.
العامل الجيني والوراثي يلعب دورا كبيرا في الإصابة بالسمنة. حيث أن الطفل الذي يولد لوالدين بدينين يكتسب وزنا زائدا، وذلك بطريقة أسهل من الطفل الذي يولد من والدين يتمتعان بوزن عادي.
أيضا الأشخاص الذين يعانون من تراكم الضغوط النفسية في حياتهم اليومية يردون الفعل عبر الأكل بشراهة، ما يؤدي لاكتسابهم الوزن الزائد.
كذلك، تلعب الهرمونات دورًا مهمًا في زيادة الوزن، حيث أن العديد من الهرمونات التي تحتوي على اللبتين والأنسولين، كما أن الهرمونات الجنسية وهرمون النمو تعزز الاستهلاك المفرط للطعام وبالتالي تخزين الدهون.
كذلك، يميل بعض الأشخاص إلى زيادة الوزن بعد التوقف عن التدخين، باعتبار أن الجسم يصبح عاجزا عن حرق السعرات الحرارية بطريقة سريعة.

النشاط البدني ضروري

يفهم مما سبق أن النظام الغذائي غير المتوازن يؤدي تلقائيا إلى حصول زيادة في الوزن. لذلك، من الضروري تحقيق التنوع في النظام الغذائي من خلال اتباع توصيات أخصائي التغذية. وعليه، فإن النشاط البدني ضروري للإنسان للحفاظ على صحة جيدة.

وفي الواقع، فإن الممارسة المنتظمة للرياضة تساعد على حماية الجسم من السمنة.

كما يجب القضاء على العديد من العادات السيئة من حياتنا اليومية ، بما في ذلك الاستخدام المفرط للسيارة، فضلا على التسوق الالكتروني، لضين يقللان من النشاط البدني ويؤديان بالتالي إلى حصول زيادة في الوزن.